تفاصيل صادمة تنشر لأول مرة عن أول محاولة لقتل صدام حسين قبل 43 عاما
كشف طاهر توفيق العاني عضو مجلس قياده الثورة وعضو القياده القطرية لحزب البعث في العراق سابقا، عن تفاصيل لم تنشر سابقا حول ما بات يعرف لدى مؤرخي حقبة البعث في العراق بمؤامرة مدير الأمن العام ناظم كزار الذي حاول الانقلاب على صدام والبكر.
وظل الغموض يلف دوافع كزار المعروف بولائه الشديد وقسوته ودمويته التي فاقت في بعض المواقف دموية وقسوة صدام حسين. ويتضح من سرد العاني الذي خص به موقع RT-ARABIC أن كزار استشعر خطر الإقصاء من مناصبه الحزبية والحكومية فقرر أن يتغدى بقادته في الحزب قبل أن يتعشوا به.
وتكشف سردية المسؤول السابق في العراق، عن حجم التآمر والدسائس التي كانت تحاك داخل الحزب الحاكم وعن القسوة التي سادت دهاليز السلطة وعلاقات المسؤولين.
وهنا شهادة طاهر توفيق العاني، عضو القيادة القطرية لحزب البعث في العراق سابقا:
مساء يوم الإعلان عما سمي بمؤامرة ناظم كزار يوم 30 حزيران/ مايو 1973، اتصل بي صدام حسين نائب أمين سر القطر ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وطلب مني الالتحاق على الفور بقياده فرع بغداد، ونبهني أن أكون حذرا في الطريق. فسألته ماهو الأمر ؟ قال لي المهم أن تسرع في الذهاب، ويكون الجهاز الحزبي في الإنذار، ووعدني بقدومه الى مقر قياده فرع بغداد.
وعندما وصلت مقر الفرع، علمت أن شرطة النجدة، وضعت في الإنذار. واتصلت بقياده الفرع والشعب، وأبلغتهم بالإنذار والالتحاق بمقراتهم فورا، والتحق عدنان الحمداني عضو قياده الفرع بعدي، وقال إن صدام أيضا اتصل به، وطلب منه الالتحاق بقياده الفرع. ثم بدأ وصول أعضاء قياده الفرع الى المقر في منطقه المنصور.
قام ناظم كزار يوم الجمعه 30 حزيران/مايو، باستدراج الفريق حماد شهاب وزير الدفاع، والفريق سعدون غيدان وزير الداخلية، وعدنان شريف عضو المكتب العسكري وآمر فوج حرس الرئاسة، ومنذر المطلك صهر البكر، وناجي مجيد، وخطاب عمر عضو قياده فرع، في المكتب العسكري، وآخرين باستدعائهم لمشاهدة، معمل لتصنيع معدات عسكرية، وبالأخص مدفع هاون ثقيل، بالتعاون مع كادر من الفلسطينيين، وإلزمهم بعدم اصطحاب أو إعلام مرافقيهم وحماياتهم بالمكان المتوجهين اليه، للسرية العالية للمشروع.
وكان ناظم موضع ثقة الجميع، ولا يرقى الشك اليه، وهو مناضل صادق وشجاع ونزيه، وأيضا هو سادي من طراز فريد. وخطط لاغتيال رئيس الجمهورية احمد حسن البكر خلال هبوط طائرته في مطار المثنى ببغداد عائدا من زيارة الى الخارج.
وتحسبا لاي تطور محتمل أخذ مجموعة من القيادات الحزبية وكبار المسؤولين رهائن لكن تأخر هبوط الطائرة في اليوم التالي أفشل المخطط فأخذ كزار الرهائن الذين احتجزهم قبل ليلة وفر باتجاه الحدود الايرانية. وفي ظهيرة يوم السبت 1 تموز/ يوليو أحبطت المؤامرة.
بعد فشل مؤامرة ناظم كزار، وإلقاء القبض عليه، قابله صدام وهو يبكي بشده قائلاً : لماذا يا ناظم قمت بهذا ؟ فأجابه ناظم: لماذا تبكي ؟ لا داعي لذلك لأنك تعلم أنك لست المقصود . وكان ناظم قوياً ومتماسكاً كعادته، إذ لم يكن يخشى الموت. وقال للمحققين معه إنه جلاد ولا ينتظروا منه إعترافاً وليسرعوا بإعدامه، وهذا ماكان فعلاً ..
بعد اعتقال ناظم جيء به الى القصر الجمهوري وقد شارك الملازم الأول قوات خاصة كريم الدوري أحد مرافقي الرئيس البكر آنذاك في عملية مطاردة واعتقال ناظم. وكلاهما كانا يكنيان (أبو حرب). وقد طلب ناظم الماء ليشرب فسارع برزان إبراهيم أخ صدام غير الشقيق ومرافقه، فقدم له قدحاً من الماء.
فأثار ذلك منذر المطلك صهر البكر، وأحد الذين إعتقلهم ناظم ، وحدثت مشادة كلاميه بينهما، وكان ناظم يحمل كرهاً شديداً لمنذر المطلك، ويتهمه بإيصال معلومات غير صحيحه الى البكر، ويحرضه ضد الأجهزة الأمنيه التي يرأسها كزار. كما كان يشكو من تأثير المحسوبيات وإن كانت آنذاك في حدود ضيقة.
ويعرف عن ناظم كزار قسوته الشديدة، فبعد 17 تموز 1968 وردت معلومات عن شقيقه المهندس علي كزار، أن له علاقه مع تنظيم جماعه 23 شباط في سوريا، فقام بإعتقاله والتحقيق معه، وعومل بقسوة تماما كالآخرين من منتسبي هذا التنظيم .. وبعيد المؤامرة صادف أن خرجت ومنذر المطلك من مجلس فاتحه في جامع بنية، فقام بالتهجم على صدام حسين، واستخدم كلمات قاسية وجارحة وقال: إنه شخص لا يعترف، ولا يخجل من الفشل، وهو السبب في ما حصل، وعليه ترك المسؤولية، وكنت أستمع اليه، ولم أعلق على كلامه، حتى توادعنا.
وفي تلك الفترة، قام برزان الأخ غير الشقيق لصدام ومرافقه، بشتم البكر ومنذر المطلك أمامي، وتظاهرت بأني لم أسمعه، فكرر سبابه بإصرار، فحولت الحديث، ولم أعلق على كلامه، وقد تجنبت نقل كلام منذر أو برزان لأحد.
قد ذكر لي الرئيس البكر في حينه، أن سبب فشل المؤامرة، هو تأخر وصوله الى بغداد، بعد انتهاء زيارته للإتحاد السوفييتي وبولونيا، نتيجه هبوط طائرته في مطار صوفيا، للتزود بالوقود واستقبال الرئيس البلغاري( تيودور جيفكوف) له بالحفاوة والموده البالغتين، وإصراره الشديد على قيام البكر بجولةٍ حرة بالسيارات في العاصمه صوفيا، ومصيف (فارنا) للراحه، وقد امتدت الجوله لمده ساعتين، وعزا البكر التأخير للصدفه والعنايه الإلهية.
وقد شاركت في مطاردة ناظم كزار تنظيمات حزب البعث كافة وخاصة تنظيمات الفلاحين. وعندما ضيقت عليه القوة العسكرية الخاصة المطاردة له بالطائرات السمتية توجه صوب الحدود الايرانية.
وعندما اقتربت منه القوة العسكرية أطلق الرصاص على الفريق حماد شهاب وزير الدفاع والفريق سعدون غيدان وزير الداخلية وكان قد وضعهما في سيارة واحدة.
فقتل حماد شهاب وتظاهر سعدون بالموت بعد ان أصيب بجرح بليغ بيده. كما قتل خطاب عمر التكريتي عضو قيادة فرع في المكتب العسكري.
وقد أصدر الرئيس البكر أمرا للقوة الجوية والطائرات السمتية المطاردة لرتل سيارات ناظم كزار بأن يباد الرتل ويقتل الجميع فيه في حالة اقترابه أو دخوله الأراضي الإيرانية لكي لا يقع أي منهم بيد الإيرانيين بمن فيهم وزيرا الدفاع والداخلية وصهره وأمر فوج الحرس الجمهوري لأن العلاقات بين العراق وإيران كانت متوترة جدا وتقع اشتباكات حدودية بين الحين والآخر.
وعقب المحاولة الإنقلابية ظل البكر فترة غير قصيرة، يبدو مريضا وكئيبا وحزينا ومهموما، ويتسائل بمرارة وعتب: هل هنالك ما يستوجب التامر؟! كما خيم جو الكابة والشلل أيضا على القيادة وتنظيمات الحزب. وللتاريخ فإني لم ألاحظ لدى البكر كرها أو تحاملا على عبد الخالق السامرائي ... إلا أن أحمد حسين السامرائي آنذاك، ذكر لي أنه خلال مقابلته للرئيس البكر للاستئذان بالسفر الى مقر عمله سفيرا في مدريد بعيد فشل المؤامرة: إن البكر قال له: لماذا أهل سامراء غاضبون علينا لاعتقال عبد الخالق السامرائي .. نحن لم نغضب عندما قتل حردان التكريتي، واعتبر ذلك تقصيرا من البعثيين في سامراء .
قال صدام حسين إن عبد الخالق السامرائي، هو الذي كسبه للحزب، لاستقامته وصدقه وخلقه. وكان يدعى ( الملا ) لطيبته وتقشفه ونقاء سريرته، وتواضعه الجم، وتمسكه بمبادئ الحزب، كما كان متديناً وكانت له منزلته العالية في نفوس البعثيين، وقد اعتقل في غرفة منعزلة على سطح بناية الحياة، قرب القصر الجمهوري ( كانت مقر المخابرات العامة ) متهماً بالمشاركة بمؤامرة ناظم كزار، وقد نفى بشدة مشاركته فيها، ولكن يظهر أن المتآمرين اتفقوا على أن يتولى السامرائي، أمانه سر الحزب ورئاسه الجمهورية. عام 1972م مع أنه لا ذنب له إن كان ذلك صحيحاً، وذكر صدام، أنه استدعى محمد فاضل وعاتبه، وذكّره بثقته ومحبته ورعايته وحمايته له .. حتى أنه قام قبل 17 تموز 1968م بإخفائه لدى والدته في قرية العوجة، خشية أن يقتله جبار الكردي، لقتله أخيه، فبكى محمد فاضل، واعترف له، أنه وعبد الخالق السامرائي شاركا ناظم في المؤامرة وبعد اعتقال ناظم، لم يخف محمد فاضل تعاطفه معه، وقال إن مصير ناظم يهمني وكان أعضاء القياده القومية، من ضمنهم الدكتور الياس فرح، قد سارعوا بالقدوم من بيروت الى بغداد، لمنع إعدام عبد الخالق، وكانوا يبكون ألماً وأسفاً عليه. وفي فترة إعتقاله، لم يكن يقابله أحد، إلا والديه، كل 6 أشهر مرة واحدة بحضور أحد منتسبي المخابرات ، إلا أن ذلك لم يمنع إعدامه عام 1979 م بتهمة المشاركة في مؤامرة محمد عايش المزعومة في مسرحية مفضوحة، فقد دفع علي حسن المجيد، ليقول في الندوة الحزبية التي عقدت في قاعه الخلد وتحدث فيها محي الشمري عن مؤامرة 1979 :إن المؤامرات لن تتوقف، مادام عبد الخالق حياً فصفق له بعض المنافقين، ليعدم بعد 7 سنوات من السجن الانفرادي المشدد. وهكذا فَقَدَ الحزب مثالاً أحبه البعثيون، وحببَ اليهم الحزب. وللأمانة والتاريخ، فقبيل ما دعي بمؤامرة ناظم كزار، كنت في مقر فرع بغداد، واتصل بي هاتفيا عبد الخالق السامرائي، مسؤول المكتب الثقافي آنذاك، بخصوص طريقة توزيع كراريس حزبية. وتهجم بشدة على طه الجزراوي مسؤول فرع بغداد ووصفه بانه امي لم يقرا في حياته كتابا واحدا .
وفي تلك الفترة حدث تقارب بين عبد الخالق السامرائي عضو القيادة القطرية لحزب البعث وبين محمد فاضل وناظم كزار، بعد علاقة سيئة ومتوترة، بسبب الاعتقالات التي تقوم بها المخابرات لكادر الحزب الشيوعي والتنظيمات الكردية، ودفاع واستفسار عبد الخالق المستمر عن مصيرهم .. وأخذوا يلتقون ليلا في حديقة بناية المكتب الثقافي، الواقع على نهر دجلة، قرب القصر الجمهوري. وكان يدور همس حول هذه اللقاءات، وتجنبهم اللقاء داخل المكتب، خشية وجود جهاز تنصت فيها. كما أشيع عن قرب إبعاد ناظم كزار عن منصبه كمدير للأمن العام، وعضوية المكتب العسكري، بعد إبعاده مع محمد فاضل وعلي رضا عن مكتب العلاقات ( جهاز المخابرات العامة ) فقد قدم صدام حسين نائب رئيس مجلس قياده الثورة، والمشرف على مكتب العلاقات، مذكرة الى الرئيس البكر، يقترح فيها إنهاء علاقه محمد فاضل وناظم كزار وعلي رضا، بسبب خلافهم مع سعدون شاكر، ووافق البكر على المقترح. وقبل المؤامرة حصلت خلافات بين أعضاء المكتب العسكري، خاصه بين عدنان شريف شهاب وداوود الجنابي من جهة وناظم كزار ومحمد فاضل واحمد حسين من جهة أخرى ... واستغل بعض الحزبيين أجواء المؤامرة، لاستهداف وتضفية خصومهم، وفي مقدمتهم طه الجزراوي وداوود الجنابي .. ويومها قابلت صدام، وكان حزيناً محبطاً، حتى أنه بكى بسبب وشاياتهم، واتهاماتهم والإيقاع برفاقهم، ووصفهم بالذئاب المتعطشة لدماء رفاقهم، وطلب مني الوقوف مع صديقي أحمد حسين، لأنه مستهدف، وقد انحاز أحمد حسين الى مجموعة ناظم ومحمد فاضل، وكان يشكو من أن عدنان شريف وداوود الجنابي لا يحترمون التقاليد والعلاقات الحزبية، ويتصرفون بتعالي وفوقية، كما ذكر لي أحمد حسين: أن صدام أيضا بكى أمامه، ووصف الحزبيين الذين يستغلون أجواء المؤامرة بالذئاب، التي تنهش بلحم رفاقهم.
وتميز ناظم كزار بقدرته العجيبة على إخفاء المشاعر والنوايا وكذلك كان صدام عندما يغضب أو يختلف مع شخص ما، فإنه يتمالك غضبه وغيضه، لكنه لا ينسى، وتبقى الملاحظة تنتظر الفرصة واللحظة المناسبة، لكي تطفو على السطح ؟ فقد اختلف عبد الخالق السامرائي مع الفريق حماد شهاب وزير الدفاع، في اجتماع مجلس قياده الثورة، وكان عبد الخالق قاسياً في ملاحظاته وكلماته، مما سبب استياء البكر، وغضب صدام، الذي قال لعبد الخالق لن أنسىى لك ذلك.
لقد كانت الخلافات بين البكر وصدام ظاهرة، منذ الأيام الأولى للثورة، بل وحتى قبلها، بسبب اختلاف العقلية، ونمط التفكير، إلا أن منزلة البكر وسنه وحكمته، كانت تغطي ذلك. وأتذكر أن صدام اختلف مع البكر قبل 17 تموز 1968، فذهب الى منطقه المحمودية، جنوب بغداد، وبقي فيها أيام عدة دون إعلام أحد بمكانه. فصدام كان غالبا ما يتحدث، عن أهمية التمسك بمبادئ الحزب، وضوابط الحياة الداخليه للحزب، والعلاقات الرفاقية، وضرورة ممارسة التقاليد النضالية، ويعتبر القيادات العسكرية، من أصحاب الرتب العالية من البعثيين، أقل وعيا واستيعابا لفكر الحزب، وأنهم مصدر تهديد للحزب وللثورة، لذلك كان يسعى للتخلص منهم في حين كان البكر على العكس من ذلك، إذ كان شديد الحرص والتشبث بهذه القيادات العسكرية والامنية، ذات الممارسة الطويلة، والخبرة في إدارة القوات المسلحة، والمحافظة على الأمن الداخلي .
وظل الغموض يلف دوافع كزار المعروف بولائه الشديد وقسوته ودمويته التي فاقت في بعض المواقف دموية وقسوة صدام حسين. ويتضح من سرد العاني الذي خص به موقع RT-ARABIC أن كزار استشعر خطر الإقصاء من مناصبه الحزبية والحكومية فقرر أن يتغدى بقادته في الحزب قبل أن يتعشوا به.
وتكشف سردية المسؤول السابق في العراق، عن حجم التآمر والدسائس التي كانت تحاك داخل الحزب الحاكم وعن القسوة التي سادت دهاليز السلطة وعلاقات المسؤولين.
وهنا شهادة طاهر توفيق العاني، عضو القيادة القطرية لحزب البعث في العراق سابقا:
مساء يوم الإعلان عما سمي بمؤامرة ناظم كزار يوم 30 حزيران/ مايو 1973، اتصل بي صدام حسين نائب أمين سر القطر ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وطلب مني الالتحاق على الفور بقياده فرع بغداد، ونبهني أن أكون حذرا في الطريق. فسألته ماهو الأمر ؟ قال لي المهم أن تسرع في الذهاب، ويكون الجهاز الحزبي في الإنذار، ووعدني بقدومه الى مقر قياده فرع بغداد.
وعندما وصلت مقر الفرع، علمت أن شرطة النجدة، وضعت في الإنذار. واتصلت بقياده الفرع والشعب، وأبلغتهم بالإنذار والالتحاق بمقراتهم فورا، والتحق عدنان الحمداني عضو قياده الفرع بعدي، وقال إن صدام أيضا اتصل به، وطلب منه الالتحاق بقياده الفرع. ثم بدأ وصول أعضاء قياده الفرع الى المقر في منطقه المنصور.
قام ناظم كزار يوم الجمعه 30 حزيران/مايو، باستدراج الفريق حماد شهاب وزير الدفاع، والفريق سعدون غيدان وزير الداخلية، وعدنان شريف عضو المكتب العسكري وآمر فوج حرس الرئاسة، ومنذر المطلك صهر البكر، وناجي مجيد، وخطاب عمر عضو قياده فرع، في المكتب العسكري، وآخرين باستدعائهم لمشاهدة، معمل لتصنيع معدات عسكرية، وبالأخص مدفع هاون ثقيل، بالتعاون مع كادر من الفلسطينيين، وإلزمهم بعدم اصطحاب أو إعلام مرافقيهم وحماياتهم بالمكان المتوجهين اليه، للسرية العالية للمشروع.
وكان ناظم موضع ثقة الجميع، ولا يرقى الشك اليه، وهو مناضل صادق وشجاع ونزيه، وأيضا هو سادي من طراز فريد. وخطط لاغتيال رئيس الجمهورية احمد حسن البكر خلال هبوط طائرته في مطار المثنى ببغداد عائدا من زيارة الى الخارج.
وتحسبا لاي تطور محتمل أخذ مجموعة من القيادات الحزبية وكبار المسؤولين رهائن لكن تأخر هبوط الطائرة في اليوم التالي أفشل المخطط فأخذ كزار الرهائن الذين احتجزهم قبل ليلة وفر باتجاه الحدود الايرانية. وفي ظهيرة يوم السبت 1 تموز/ يوليو أحبطت المؤامرة.
بعد فشل مؤامرة ناظم كزار، وإلقاء القبض عليه، قابله صدام وهو يبكي بشده قائلاً : لماذا يا ناظم قمت بهذا ؟ فأجابه ناظم: لماذا تبكي ؟ لا داعي لذلك لأنك تعلم أنك لست المقصود . وكان ناظم قوياً ومتماسكاً كعادته، إذ لم يكن يخشى الموت. وقال للمحققين معه إنه جلاد ولا ينتظروا منه إعترافاً وليسرعوا بإعدامه، وهذا ماكان فعلاً ..
بعد اعتقال ناظم جيء به الى القصر الجمهوري وقد شارك الملازم الأول قوات خاصة كريم الدوري أحد مرافقي الرئيس البكر آنذاك في عملية مطاردة واعتقال ناظم. وكلاهما كانا يكنيان (أبو حرب). وقد طلب ناظم الماء ليشرب فسارع برزان إبراهيم أخ صدام غير الشقيق ومرافقه، فقدم له قدحاً من الماء.
فأثار ذلك منذر المطلك صهر البكر، وأحد الذين إعتقلهم ناظم ، وحدثت مشادة كلاميه بينهما، وكان ناظم يحمل كرهاً شديداً لمنذر المطلك، ويتهمه بإيصال معلومات غير صحيحه الى البكر، ويحرضه ضد الأجهزة الأمنيه التي يرأسها كزار. كما كان يشكو من تأثير المحسوبيات وإن كانت آنذاك في حدود ضيقة.
ويعرف عن ناظم كزار قسوته الشديدة، فبعد 17 تموز 1968 وردت معلومات عن شقيقه المهندس علي كزار، أن له علاقه مع تنظيم جماعه 23 شباط في سوريا، فقام بإعتقاله والتحقيق معه، وعومل بقسوة تماما كالآخرين من منتسبي هذا التنظيم .. وبعيد المؤامرة صادف أن خرجت ومنذر المطلك من مجلس فاتحه في جامع بنية، فقام بالتهجم على صدام حسين، واستخدم كلمات قاسية وجارحة وقال: إنه شخص لا يعترف، ولا يخجل من الفشل، وهو السبب في ما حصل، وعليه ترك المسؤولية، وكنت أستمع اليه، ولم أعلق على كلامه، حتى توادعنا.
وفي تلك الفترة، قام برزان الأخ غير الشقيق لصدام ومرافقه، بشتم البكر ومنذر المطلك أمامي، وتظاهرت بأني لم أسمعه، فكرر سبابه بإصرار، فحولت الحديث، ولم أعلق على كلامه، وقد تجنبت نقل كلام منذر أو برزان لأحد.
قد ذكر لي الرئيس البكر في حينه، أن سبب فشل المؤامرة، هو تأخر وصوله الى بغداد، بعد انتهاء زيارته للإتحاد السوفييتي وبولونيا، نتيجه هبوط طائرته في مطار صوفيا، للتزود بالوقود واستقبال الرئيس البلغاري( تيودور جيفكوف) له بالحفاوة والموده البالغتين، وإصراره الشديد على قيام البكر بجولةٍ حرة بالسيارات في العاصمه صوفيا، ومصيف (فارنا) للراحه، وقد امتدت الجوله لمده ساعتين، وعزا البكر التأخير للصدفه والعنايه الإلهية.
وقد شاركت في مطاردة ناظم كزار تنظيمات حزب البعث كافة وخاصة تنظيمات الفلاحين. وعندما ضيقت عليه القوة العسكرية الخاصة المطاردة له بالطائرات السمتية توجه صوب الحدود الايرانية.
وعندما اقتربت منه القوة العسكرية أطلق الرصاص على الفريق حماد شهاب وزير الدفاع والفريق سعدون غيدان وزير الداخلية وكان قد وضعهما في سيارة واحدة.
فقتل حماد شهاب وتظاهر سعدون بالموت بعد ان أصيب بجرح بليغ بيده. كما قتل خطاب عمر التكريتي عضو قيادة فرع في المكتب العسكري.
وقد أصدر الرئيس البكر أمرا للقوة الجوية والطائرات السمتية المطاردة لرتل سيارات ناظم كزار بأن يباد الرتل ويقتل الجميع فيه في حالة اقترابه أو دخوله الأراضي الإيرانية لكي لا يقع أي منهم بيد الإيرانيين بمن فيهم وزيرا الدفاع والداخلية وصهره وأمر فوج الحرس الجمهوري لأن العلاقات بين العراق وإيران كانت متوترة جدا وتقع اشتباكات حدودية بين الحين والآخر.
وعقب المحاولة الإنقلابية ظل البكر فترة غير قصيرة، يبدو مريضا وكئيبا وحزينا ومهموما، ويتسائل بمرارة وعتب: هل هنالك ما يستوجب التامر؟! كما خيم جو الكابة والشلل أيضا على القيادة وتنظيمات الحزب. وللتاريخ فإني لم ألاحظ لدى البكر كرها أو تحاملا على عبد الخالق السامرائي ... إلا أن أحمد حسين السامرائي آنذاك، ذكر لي أنه خلال مقابلته للرئيس البكر للاستئذان بالسفر الى مقر عمله سفيرا في مدريد بعيد فشل المؤامرة: إن البكر قال له: لماذا أهل سامراء غاضبون علينا لاعتقال عبد الخالق السامرائي .. نحن لم نغضب عندما قتل حردان التكريتي، واعتبر ذلك تقصيرا من البعثيين في سامراء .
قال صدام حسين إن عبد الخالق السامرائي، هو الذي كسبه للحزب، لاستقامته وصدقه وخلقه. وكان يدعى ( الملا ) لطيبته وتقشفه ونقاء سريرته، وتواضعه الجم، وتمسكه بمبادئ الحزب، كما كان متديناً وكانت له منزلته العالية في نفوس البعثيين، وقد اعتقل في غرفة منعزلة على سطح بناية الحياة، قرب القصر الجمهوري ( كانت مقر المخابرات العامة ) متهماً بالمشاركة بمؤامرة ناظم كزار، وقد نفى بشدة مشاركته فيها، ولكن يظهر أن المتآمرين اتفقوا على أن يتولى السامرائي، أمانه سر الحزب ورئاسه الجمهورية. عام 1972م مع أنه لا ذنب له إن كان ذلك صحيحاً، وذكر صدام، أنه استدعى محمد فاضل وعاتبه، وذكّره بثقته ومحبته ورعايته وحمايته له .. حتى أنه قام قبل 17 تموز 1968م بإخفائه لدى والدته في قرية العوجة، خشية أن يقتله جبار الكردي، لقتله أخيه، فبكى محمد فاضل، واعترف له، أنه وعبد الخالق السامرائي شاركا ناظم في المؤامرة وبعد اعتقال ناظم، لم يخف محمد فاضل تعاطفه معه، وقال إن مصير ناظم يهمني وكان أعضاء القياده القومية، من ضمنهم الدكتور الياس فرح، قد سارعوا بالقدوم من بيروت الى بغداد، لمنع إعدام عبد الخالق، وكانوا يبكون ألماً وأسفاً عليه. وفي فترة إعتقاله، لم يكن يقابله أحد، إلا والديه، كل 6 أشهر مرة واحدة بحضور أحد منتسبي المخابرات ، إلا أن ذلك لم يمنع إعدامه عام 1979 م بتهمة المشاركة في مؤامرة محمد عايش المزعومة في مسرحية مفضوحة، فقد دفع علي حسن المجيد، ليقول في الندوة الحزبية التي عقدت في قاعه الخلد وتحدث فيها محي الشمري عن مؤامرة 1979 :إن المؤامرات لن تتوقف، مادام عبد الخالق حياً فصفق له بعض المنافقين، ليعدم بعد 7 سنوات من السجن الانفرادي المشدد. وهكذا فَقَدَ الحزب مثالاً أحبه البعثيون، وحببَ اليهم الحزب. وللأمانة والتاريخ، فقبيل ما دعي بمؤامرة ناظم كزار، كنت في مقر فرع بغداد، واتصل بي هاتفيا عبد الخالق السامرائي، مسؤول المكتب الثقافي آنذاك، بخصوص طريقة توزيع كراريس حزبية. وتهجم بشدة على طه الجزراوي مسؤول فرع بغداد ووصفه بانه امي لم يقرا في حياته كتابا واحدا .
وفي تلك الفترة حدث تقارب بين عبد الخالق السامرائي عضو القيادة القطرية لحزب البعث وبين محمد فاضل وناظم كزار، بعد علاقة سيئة ومتوترة، بسبب الاعتقالات التي تقوم بها المخابرات لكادر الحزب الشيوعي والتنظيمات الكردية، ودفاع واستفسار عبد الخالق المستمر عن مصيرهم .. وأخذوا يلتقون ليلا في حديقة بناية المكتب الثقافي، الواقع على نهر دجلة، قرب القصر الجمهوري. وكان يدور همس حول هذه اللقاءات، وتجنبهم اللقاء داخل المكتب، خشية وجود جهاز تنصت فيها. كما أشيع عن قرب إبعاد ناظم كزار عن منصبه كمدير للأمن العام، وعضوية المكتب العسكري، بعد إبعاده مع محمد فاضل وعلي رضا عن مكتب العلاقات ( جهاز المخابرات العامة ) فقد قدم صدام حسين نائب رئيس مجلس قياده الثورة، والمشرف على مكتب العلاقات، مذكرة الى الرئيس البكر، يقترح فيها إنهاء علاقه محمد فاضل وناظم كزار وعلي رضا، بسبب خلافهم مع سعدون شاكر، ووافق البكر على المقترح. وقبل المؤامرة حصلت خلافات بين أعضاء المكتب العسكري، خاصه بين عدنان شريف شهاب وداوود الجنابي من جهة وناظم كزار ومحمد فاضل واحمد حسين من جهة أخرى ... واستغل بعض الحزبيين أجواء المؤامرة، لاستهداف وتضفية خصومهم، وفي مقدمتهم طه الجزراوي وداوود الجنابي .. ويومها قابلت صدام، وكان حزيناً محبطاً، حتى أنه بكى بسبب وشاياتهم، واتهاماتهم والإيقاع برفاقهم، ووصفهم بالذئاب المتعطشة لدماء رفاقهم، وطلب مني الوقوف مع صديقي أحمد حسين، لأنه مستهدف، وقد انحاز أحمد حسين الى مجموعة ناظم ومحمد فاضل، وكان يشكو من أن عدنان شريف وداوود الجنابي لا يحترمون التقاليد والعلاقات الحزبية، ويتصرفون بتعالي وفوقية، كما ذكر لي أحمد حسين: أن صدام أيضا بكى أمامه، ووصف الحزبيين الذين يستغلون أجواء المؤامرة بالذئاب، التي تنهش بلحم رفاقهم.
وتميز ناظم كزار بقدرته العجيبة على إخفاء المشاعر والنوايا وكذلك كان صدام عندما يغضب أو يختلف مع شخص ما، فإنه يتمالك غضبه وغيضه، لكنه لا ينسى، وتبقى الملاحظة تنتظر الفرصة واللحظة المناسبة، لكي تطفو على السطح ؟ فقد اختلف عبد الخالق السامرائي مع الفريق حماد شهاب وزير الدفاع، في اجتماع مجلس قياده الثورة، وكان عبد الخالق قاسياً في ملاحظاته وكلماته، مما سبب استياء البكر، وغضب صدام، الذي قال لعبد الخالق لن أنسىى لك ذلك.
لقد كانت الخلافات بين البكر وصدام ظاهرة، منذ الأيام الأولى للثورة، بل وحتى قبلها، بسبب اختلاف العقلية، ونمط التفكير، إلا أن منزلة البكر وسنه وحكمته، كانت تغطي ذلك. وأتذكر أن صدام اختلف مع البكر قبل 17 تموز 1968، فذهب الى منطقه المحمودية، جنوب بغداد، وبقي فيها أيام عدة دون إعلام أحد بمكانه. فصدام كان غالبا ما يتحدث، عن أهمية التمسك بمبادئ الحزب، وضوابط الحياة الداخليه للحزب، والعلاقات الرفاقية، وضرورة ممارسة التقاليد النضالية، ويعتبر القيادات العسكرية، من أصحاب الرتب العالية من البعثيين، أقل وعيا واستيعابا لفكر الحزب، وأنهم مصدر تهديد للحزب وللثورة، لذلك كان يسعى للتخلص منهم في حين كان البكر على العكس من ذلك، إذ كان شديد الحرص والتشبث بهذه القيادات العسكرية والامنية، ذات الممارسة الطويلة، والخبرة في إدارة القوات المسلحة، والمحافظة على الأمن الداخلي .
المصدر : RT-ARABIC
تفاصيل صادمة تنشر لأول مرة عن أول محاولة لقتل صدام حسين قبل 43 عاما
Reviewed by DuclosRoman
on
2016/06/29
Rating:
ليست هناك تعليقات: